سورة الكهف - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


اكنة: أغطية، واحدها كنان. ان يفقهوه: إن يفهموه. وقرا: ثقلاً. موئلا: ملجأ، يقال وَأُلَ يَئِل وَأْلاً وَوُؤلاً: لجأ.
ليس هناك أظلمُ ممن وُعظ بآيات الله فلم يتدّبرها، ونسي عاقبةَ ما عمل من المعاصي، وبسبب مَيْلِهم إلى الكفر جعلْنا على قلوبهم أغطية، فلا تعقِل، وفي آذانهم صَمماً فلا تسمع، وإن تدْعُهم ايها الرسول إلى دين الله الحق فلن يهتدوا ابدا.
ثم بين الله تعالى انه لا يعجِّل العقوبة لعباده على ما يقترفون من السيئات والآثام، لعلّهم يرجعون اليه ويتوبون فقال: {وَرَبُّكَ الغفور ذُو الرحمة لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب...}.
إن ربك ايها الرسول عظيمُ المغفرة لذنوب عباده، فهو يرحمهم ويتجاوز عن خطاياهم. ولو شاء ان يؤاخذَهم على أعمالهم السيئة لعجَّل لهم العذاب، لكنّه لحكمة قدّرها إنما أخّرهم لموعدٍ ليس لهم عنه مهرب ولا ملجأ.
{وَتِلْكَ القرى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً}. وتلك القرى من عاد وثمود واصحاب الأيكة وغيرهم دمرناهم لما ظلم اهلها بتكذيب رسلهم، وجعلنا لهلاكهم موعدا، وكذلك نفعل بالمكذبين من قومك إذا لم يؤمنوا.
قراءات:
قرأ حفص: {لمهلكهم} بفتح الميم وبكسر اللام والكاف. وقرأ أبو بكر: {لمهلكهم} بفتح الميم واللام: والباقون: {لمهلكهم} بضم الميم وكسر اللام.


فتاه: خادمه، تلميذه. لا ابرح: لا ازال سائرا. مجمع البحرين: مكان اجتماعهما. حقبا: مدة طويلة: سربا: مسلكا. نصيبا: تعبا. اوينا: التجأنا. ذلك ما كنا نبغي: ذلك ما كنا نريد. فارتدا على آثارهما قصصا: رجعا في نفس الطريق التي جاءوا منها. الحوت: السمكة الكبيرة.
هذه القصة الثالثة التي اشتملت عليها سورة الكهف، وهي قصة موسى مع الرجل الصالح الذي آتاه الله علما. وهذه القصة وردت هنا في سورة الكهف ولم تكرر في القرآن. وموسى هذا اختلف المفسرون فيه: هل هو موسى بن عمران النبي المرسل صاحب التوراة، أو موسى آخر؟ واكثر المفسرين على انه موسى بن عمران. وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: إن نوفا البكالي من اصحاب امير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، يزعم ان موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني اسرائيل، فقال ابن عباس: كذب عدو الله.
ونوف البكالي هذا كان من التابعين ومن اصحاب سيدنا علي بن أبي طالب وإمام أهل الشام في عصره. وكان ابن زوجة كعب الاحبار، وكان راويا للقصص، توفي نحو سنة 95 ه.
وعند أهل الكتاب وبعض المحدّثين والمؤرخين ان موسى هذا ليس موسى بن عمران، بل موسى آخر، وهو متقدم في التاريخ.
والقرآن الكريم لم يحدد الاسماء ولا زمن الحادثة، ونحن لا يهمنا الاشخاص وانما نقف مع نصوص القرآن، والعبرة من القصص، وما نستفيد منها.
وفتاه: يقول المفسرون انه يوشع بن نون تلميذه وخليفته. ومجمع البحرين لم يحدَّد مكانهما، وهناك اقوال كثيرة منها انهما البحر الاحمر والبحر الابيض، أو مجمع البحرين عند طنجة وغير ذلك.
قال البقاعي في نظم الدرر: الظاهر واللهُ اعلم ان مجمع البحرين عند دمياط أو رشيد من بلاد مصر، حيث مجمع النيل والبحر الابيض.
وكلها اقوال بدون دليل أو خبر قطعي.
{وَإِذْ قَالَ موسى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حتى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البحرين أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً...}.
اذكر ايها الرسول حين قال موسى لفتاه خادمه وتلميذه: سأظل اسير حتى ابلغ ملتقى البحرين أو أسير زمنا طويلا حتى التقي به.
وسبب ذلك كما في كتب الحديث: عن أبي كعب رضي الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ان موسى قام خطيبا في بني اسرائيل، فسئل أي الناس اعلم؟ قال: أنا، فعتب الله عليه اذ لم يردّ العلم اليه، فأوحى الله اليه ان لي عبدا بمجمع البحرين هو اعلم منك. قال موسى: يا رب وكيف لي به؟ قال تأخذ معك حوتا فتجعله بمكتل، فحيثما فقدت الحوت فهو هناك» المِكتَل: النزبيل، القفة.
فلما وصل موسى وفتاه المكان الجامع بين البحرين نسيا حوتهما الي حملاه معهما، وكان الحوت سقط في الماء وغاص فيه.
فلما ابتعدا عن ذلك المكان، أحس موسى بالجوع والتعب، فقال لفتاه: آتنا غداءنا، لقد لقينا في هذا السفر تعبا ومشقة.
فقال له فتاده: اتذكر حين جلسنا نستريح عند الصخرة، فاني نسيت الحوت هناك، ان الحوت سقط في البحر، ونسيت ان اذكر لك ذلك، وما انساني ذلك الا الشيطان.
فقال له موسى: إن هذا الذي حدث هو ما اريده لحكمة ارادها الله. فرجعا في الطريق الذي جاءا فيه يتتبعان اثرهما حتى أتيا الصخرة.


رشدا: اصابة الخير. على ما لم تحط به خُبرا: على معرفة الشيء معرفة تامة. والخُبر: المعرفة. ذكرا: بيانا وشرحا.
فلما بلغا تلك الصخرة وجدا عندها رجلا صالحا اعطاه الله الحكمة، أي علّمه من عنده علما كثيرا. وسلم عليه موسى، وقال له: هل اصحبك لتعلمني مما علمك الله أسترشدُ به في امري؟ فقال الرجل الصالح: انك لن تستطيع الصبر على ما تراه مني.
وكيف تصبر على أمور ظاهرها منكر، وباطنها مجهول لا خبرة لك بمثلها؟ قال موسى: ستجدني إن شاء الله صابرا معك مطيعا لك فيما تأمر به.
قال الرجل الصالح: إن سرت معي ورأيت اني عملت عملاً منكرا فلا تعترض علي وتسألني عنه حتى أحدثك عنه وأبين لك سره.
وهذا العبد الصالح اختلف العلماء فيه، هل هو الخضر كما هو شائع بين اكثر المفسرين أو هو رجل آخر، وهل هو نبي أو ملك من الملائكة، أو ولي؟ وهذا قول كثير من العلماء.
واختُلف فيه: هل هو لا يزال حيا إلى اليوم أو انه مات، فقد انكر البخاري ان يكون حيا، وعلماء السنة يقولون انه ميت بدليل قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخلد} [الأنبياء: 34].
وبذلك جزم ابنُ المناوي وابراهيم الحربي وأبو طاهر العبادي، وأبو يعلى الحنبلي، وأبو الفضل بن تامر، والقاضي أبو بكر بن العربي، وأبو بكر بن النقاش، وابن الجوزي. قال أبو الحسين بن المناوي: بحثت عن تعمير الخشر، وهل هو باق ام لا فاذا اكثر المغفلين مغترون بانه باق، والاحاديث الواردة واهية والسند إلى أهل الكتاب ساقط لعدم ثقتهم.
وقال في فتح البيانط: والحق ما ذكره البخاري واضرابه في ذلك، ولم يرد في ذلك نص مقطوع به، ولا حديث مرفوع اليه صلى الله عليه وسلم حتى يقيمه عليه.
ويقول الصوفيون انه حي، وان بعضهم لقيه، وهذا كلام ليس عليه دليل ويناقض نصوص القرآن.
وبما انه لم يرد نص معتمد في القرآن أو الحديث فاننا نكتفي بالعبرة من القصة، ولا يهمنا معرفة الاسماء والاشخاص.
وقد كتبا لحافظ ابن حجَر في الاصابة بحثا طويلا في نحو عشرين صفحة قال فيه: وقد جمعت من اخباره ما انتهى إليّ علمه مع بيان ما يصح من ذلك وما لا يصح.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7